أسواق رأس المال الإماراتية توفر إمكانات عالمية في عام 2025

أسواق رأس المال الإماراتية توفر إمكانات عالمية في عام 2025

واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2024 ترسيخ مكانتها كمركز مالي حيوي على الصعيد الإقليمي والعالمي، لاسيما مع توسع أسواق رأس المال التي شكلت قوة دافعة لهذا التحول، وهذا ما إتسمت به وتيرة نمو سوق دبي المالي التي كانت الأسرع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لذلك العام، حيث أضاف نحو 19% إلى قيمته السوقية بحلول الأول من ديسمبر ليصل إلى 801 مليار درهم. هذا وواصل سوق أبوظبي للأوراق المالية توسعه من خلال عمليات إدراج جديدة عززت قيمته السوقية لتصل إلى 3 تريليون درهم.

وعلى الرغم من أن جميع الأسواق تمر بدوراتها الطبيعية، من المتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات الإيجابية حتى عام 2025، مدفوعة بتعزيز الأسواق المالية المحلية لمكانتها على الساحة العالمية، بفضل ثقة المستثمرين في اقتصاد دولة الإمارات ومرونة قطاعاتها المتنوعة، إلى جانب جملة من العوامل الإضافية التي تدعم التفاؤل بمستقبل الاقتصاد مثل النمو السكاني، وازدهار سوق العقارات، وتوسّع مشاريع البناء والبنية التحتية، وانتعاش قطاعي السياحة والضيافة، وارتفاع مبيعات التجزئة.

وفي خضم هذا المشهد العالمي دائم التطور، تبرز أهمية دولة الإمارات في العام الجديد بما تزخر به من فرص وعروض مغرية للمستثمرين في ظل توقعات اقتصادية مشجعة للبلاد، إذ تشير تقارير مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 4.0% في عام 2024، مع توقع ارتفاعه إلى 6.0% في عام 2025. فيما بلغت نسبة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي والذي يعتبر مقياساً للتنوع الاقتصادي على المدى القصير، 5.2% لعام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 5.3% في عام 2025.

وبخلاف ذلك، تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن النمو العالمي سيبلغ حوالي 3.2% لعام 2024 و3.3% لعام 2025، فيما بلغت تقديرات البنك الدولي 2.6% و2.7% على التوالي. أما تقديرات النمو في الولايات المتحدة فهي أقل من 3.0% بحسب معظم المصادر، في حين لم تتجاوز تقديرات النمو في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي 1.0%.

ديريك نيكلسون

الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات وعلاقات المستثمرين في ألفا ظبي القابضة

ويدفع هذا التفاوت في النمو المستثمرين لتوجيه رؤوس أموالهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يبرز الانفتاح في قطاع العقارات إمكانات واعدة، بسبب الطفرة العقارية المستمرة والطلب المتزايد الذي يعزى إلى النمو السكاني، وخاصةً من الوافدين ذوي الدخل المرتفع والإنفاق الاستهلاكي، وهو أمر إيجابي أيضاً لقطاعات التجزئة والاتصالات والسياحة والضيافة.

وتوفر الأسهم المحلية والإقليمية إمكانية الوصول الفوري إلى اقتصاد عالي الأداء، وتمنح الشركات تمويلاً إضافياً للنمو، كما توفر للمؤسسين والمساهمين الحاليين من القطاع الخاص وسيلة لتوفير السيولة. وستساعد هذه العوامل في العام المقبل في الحفاظ على نشاط الطروحات العامة الأولية المزدهرة، مما يجعل دولة الإمارات، إلى جانب المملكة العربية السعودية، من أكثر المواقع حيوية في العالم لعمليات الإدراج الجديدة.

وتتجه العديد من الشركات إلى تبني هذا النهج المثبت حالياً، حيث حقق العديد منها دخلاً بقيمة 13 مليار دولار أمريكي من الطروحات العامة الأولية في عام 2024. وشملت عمليات الإدراج الرئيسية “إن إم دي سي إنيرجي”، “لولو للتجزئة”، “باركين”، “سبينس”، و”طلبات” التي حققت أكبر طرح عام أولي في القطاع الخاص في الدولة، و”ايه دي ان اتش للتموين”، وشركة البناء “دريك آند سكل إنترناشيونال”. وتشمل عمليات الإدراج المتوقعة للعام المقبل شركة “فايف القابضة” ومجموعة دوبيزل. ومن المتوقع أن تصبح شركة الاتحاد للطيران، في عام 2025، أول شركة طيران رئيسية في منطقة الخليج تطرح أسهمها للاكتتاب العام، وتشير التقارير إلى أن دبي القابضة تدرس إمكانية إدراج أجزاء من شركاتها.

ويبدو أن هناك توجه مستمر نحو الإدراج العام للهيئات الحكومية البارزة، فضلاً عن مجموعة جيدة من شركات القطاع الخاص التي توسع نطاق وعمق عروض الأسهم، وباتت الشركات اليوم تفضل أبوظبي أو دبي كوجهتين مميزتين لعمليات إدراجها وتفوقهما على مراكز أخرى مرموقة مثل لندن، فعلى الرغم من وجود العديد من الشركات التي مازالت تحتفظ بإدراج ثانوي في الخارج، إلا أن مركز الثقل قد تحول بكل تأكيد إلى داخل الدولة.

أما التطور التالي، والذي قد يشكل نقطة تحوّل، فيتمثل في استقطاب المزيد من المستثمرين الأجانب، لا سيما المؤسسات، لجلب الأموال إلى السوق الإماراتي كجزء من استراتيجيتهم العالمية. وفي حين تشير آخر المعلومات حول الحيازات الأجنبية للأسهم الإماراتية إلى محدوديتها، ومع استمرار بعض الشركات في الخضوع لقيود الملكية الأجنبية، إلا أن العديد من عمليات الإدراج تتيح ملكية 100% للأسهم للمشترين الأجانب. وحتى بالنسبة لتلك الشركات التي تواجه قيوداً، غالباً ما توجد ثغرة كبيرة بين الحيازات الأجنبية الفعلية وبين ما هو مسموح به.

وتدعم السياسة الرسمية لدولة الإمارات زيادة الاستثمار الأجنبي في شتى النواحي الاقتصادية، بما في ذلك الإصلاحات التنظيمية، التعديلات في قوانين العمل، وخيارات التأشيرات الجديدة. ورغم تطبيق ضريبة الشركات منذ بداية عام 2024، يظل النظام الضريبي إيجابياً ومحفزاً للاستثمار.كما تتعاون الأسواق المالية المحلية مع الشركات المدرجة والبنوك الاستثمارية الدولية لاستضافة مؤتمرات المستثمرين العالميين، مما يحافظ على حضور قوي للاستثمارات المؤسسية والأجنبية في الأسواق.

وتُظهر الأرقام الإقبال الكبير على هذه السياسات، حيث استقبلت الشركات الإماراتية حوالي 63,000 مستثمر جديد في عام 2023، وشكل الأجانب منهم ما نسبته 47%. وفي مايو 2024، تم تسجيل حوالي 19,000 مستثمر مؤسسي في سوق أبوظبي للأوراق المالية، وكان 43% منهم أجانب. وفي حال ارتفعت هذه النسب في عام 2025، فإن ذلك سيعزز تحول الإمارات العربية المتحدة إلى مركز مالي عالمي.